التحالف العسكري المغولي الأرميني ضد المماليك (1299-1307م/699-707ه) في ضوء كتاب " زهرة تواريخ الشرق" للمؤرخ الأرميني هيثوم كوريكوس

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

يعتبر كتاب المؤرخ الأرميني هيثوم كوريكوس والذي يحمل عنوان "زهرة تواريخ الشرق" مصدراً مهماً لا غنى عنه لمن يدرس تاريخ العصور الوسطى بصفة عامة، وتاريخ العلاقات بين الأرمن والمغول والمماليك والقوى الاوروبية في أواخر القرن 13م وأوائل القرن 14م على وجه الخصوص، فقد استطاع المؤرخ الأرميني أن يرسم لنا لوحة واضحة المعالم عن تلك الفترة الزمنية الهامة والتى كان  شاهد عيان لأحداثها بل ومشاركاً فيها وباعتباره ابن شقيق الملك الأرميني هيثوم الأول (1226-1270م/623-669ه) فقد قام بدور مؤثر في تاريخ مملكة أرمينية الصغرى وكان لاعبا ريئسيا فى احداثها السياسية ، وفي عام 1305م/707ه اتهم بالتأمر على الملك هيثوم الثاني (1289-1307م/689-709ه) مما اضطره إلي الفرار إلي جزيرة قبرص حيث انضم هناك إلي جماعة رهبانية وأعلن عن رغبته في الرهبنة واعتزال العالم، إلا أن الظروف الحرجة التي كانت تمر بها  مملكة أرمينية وقتذاك اضطرته إلي العدول عن رغبته، وذهب مؤرخنا عام 13.7م إلي مقر البابا كليمنت الخامس (1305-1313م) في افينون للتبشير بحملة صليبية جديدة ضد المماليك في مصر والشام واسترداد الأراضي المقدسة من أيديهم، وطلب منه البابا كتابة تقرير مفصل عن مزايا ومخاطر التحالف العسكري مع المغول فأخرج لنا كتابه الذي سماه" زهرة تواريخ الشرق" أو " تاريخ التتار.الذي ترجم إلي اللاتينية وقدمه إلي البابا فى أغسطس 1307م وهو يعد من أهم المؤلفات الأرمينية عن تاريخ وجغرافيا آسيا والشرق الادنى  
أما بالنسبة للمدينة التي ينتسب إليها هذا المؤرخ الأرميني فهي مدينة كوريكوس وهي مدينة أثرية قديمة، تقع على بعد حوالي ثلاثة أمتار من شاطىء البحر المتوسط بمحاذاة المنحدرات السفلية  لجبال طوروس  وظلت تحت حكم الأرمن حتى استولى عليها الأتراك العثمانيون عام 1482م وغيروا اسمها إلي كيزكاليس.
وكتاب" زهرة تواريخ الشرق" ينقسم إلي أربع مجلدات المجلد الأول أو الكتاب الأول يشتمل على 14 فصلاً وهو عبارة عن مسح جغرافي لأربعة عشر دولة في الشرق الأقصى وآسيا الصغرى وأجزاء من منطقة الشرق الأدنى، أما الكتاب الثاني فهو عبارة عن فصل واحد وعنوانه" سيادة المسلمين" ويتحدث فيه عن ظهور الإسلام وحركة الفتوحات الإسلامية حتى ظهور الأتراك السلاجقة، أما الكتاب الثالث فهو الأطول وتحدث فيه عن التاريخ المبكر للمغول ثم حروب المغول ضد المسلمين حتى هزيمتهم في معركة عين جالوت  (1260م/658ه) ثم  تحدث عن حملات المماليك ضد بلاده وخصص الفصل الرابع للدعاية المغول باعتبارهم حلفاء مناسين للغرب الأوروبي كما تكلم عن نقاط القوة والضعف في الجيش المصري ووضع خطة محكمة للقضاء على دولة المماليك فى مصر والشام  لقد كتب هيثوم كتابه في مدينة بواتييه الفرنسية بناء على طلب  من البابا كليمنت الخامس وكان هدفه الأساسي هو الدعوة إلي حملة صليبية جديدة يقوم بها الغرب الأوروبي بالتحالف مع المغول ضد المماليك في مصر والشام، ولم يكتف المؤرخ بسرد الأحداث التي أوردها في كتابه بل اتبع منهجاً قام على عرض الأحداث مع مناقشتها ودراستها دراسة نقدية تحليلية فاحصة  ثم التعليق عليها ولذلك يمثل كتابه مرحلة جديدة في الكتابة التاريخية لم تكن معروفة من قبل وأن اتسمت كتاباته بالتحيز ضد المسلمين وأظهر كراهيته وعدائه الشديد للمماليك وشرح في كتابه كل الرسائل والطرق التي يمكن بمقتضاها التخلص منهم    وأطلق على الأرمن دائماً اسم" القوات المسيحية" وهذه مبالغة متعمدة من جانبه للتأثير على البابا كليمنت الخامس والغرب الأوروبي.
وتناول المؤرخ بالشرح والتحليل مع التعليق معركتي وداي الخازندار التي وقعت في 23 ديسمبر 1299م/27 ربيع الآخر 699ه ومرج الصفر(شقحب) في 20 إبريل 1303م/2 رمضان 702هـ كمثال للتحالف الأرميني المغولي، فقد كان شاهد عيان لهاتين المعركتين، وانتهت المعركة الأولى بانتصار المغول أما المعركة الثانية فقد كان  النصر فيها من نصيب المماليك، وبنهاية هذه المعركة تنتهي آخر جولة في الصراع بين المماليك والمغول   لتصبح ارمينية هدفا لغارات المماليك الذبن عزموا على الثار من الارمن بسبب تحالفهم مع المغول ومع انتشار الاسلام بين المغول وعجز البابوية عن تحريك القوى الاوروبية فى حملة صليبية جديدة ضد المسلمين وانشغال دول اوروبا بمشاكلها السياسية والعسكرية لم يجد الارمن قوة تحميهم من اعدائهم المماليك الذين طالما عانوا  كثيرا من حملاتهم المدمرة على بلادهم وظلوا ينتظرون العون من البابوية واوروبا ولكن دون جدوى

الكلمات الرئيسية