دور التربية الإسلامية في مواجهة الأزمات من خلال السيرة النبوية في العهد المدني

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

قال تعالى: "لقد جاءکم رسوک من أنفسکم عزيز عليه ما عنـتم حريض عليکم بالمؤمنين رءوف رحيم" سورة التوبة، الآية: 128
قال تعالى: "لقد کان لکم في رسول الله أسوة حسنة لمن کان يرجوا الله واليوم الآخر وذکر الله کثيراً" سورة الأحزاب، الآية: ٢١
کثرت مشاکل الأمة وکثر الحديث عن الأزمات والمصائب التي تحل بالمسلمين مـن فترة لأخرى وإن من المهم في هذا الشأن النظر إلى کيفية استثمار الأزمة ورفـع البـاس والجزع عن الأمة المکلومة ومحاولة التعرف على الجوانب الإيجابية والبـشارات والقيـام بأعمال تکون خيراً للنفس والمجتمع والأمة عامة، فعن أنس بن مالک قال: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قامت الساعة وبيد أحدکم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل".()
مع أن القيامة قامت والقلب قد وجل والخوف قد حل ومع هذا کله يحوله إلى عمل إيجابي ينفع نفسه في هذه المصيبة وهو الغرس ليکسب على ذلک أجراً وثواياً، ومن رأى أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في کيفية تحويل المحنة إلى منحة وتحويل الموقف السلبي إلى إيجابي لرأى عجباً.. وإننا لنحتاج إلى تفعيل هذه القضية في الأمة والتذکير هـا في کل حين، لکي تسلم من هذه الأزمات وما يحصل فيها.
وکانت وما زالت التربية الإسلامية هي السبيل الأمثل للخروج هذه الأمة لمقدمة الأمم فهي تربية کاملة شاملة لجميع الأحوال وجميع الأزمنة، ومن هذه الأزمنة زمن الأزمـات والدي يبرز فيه واضحاً أثر التربية الصحيحة في ثبات المجتمع وتماسکه أمام هذه الأزمات.
ولعل التربية الإسلامية تختلف عن جميع أنواع التربية الأخرى المخالفة لهـا في التـصور فالتربية الإسلامية تقظهر قولها وتميزها ليس في وقت السعة والنعمة فقط وإنما مع هذا کله يظهر تميزها وقت الشدة والمحنه والتي رمزت لها في هذا البحث بالأزمـة لکـون هـذا المصطلح أصبح دارجا عند کثير من الباحثين المعاصرين.
ولکون السيرة النبوية هي إحدى المصادر للتربية الإسلامية، (وهي المنهاج العملي لحيـاة الرسول صلى الله عليه وسلم وهي النموذج الذي يجب أن يحتذي به المسلمون في کـل زمان ومکان).()
کان التنقيب في هذه السيرة عن الجوانب التربوية وخاصة ما يتعلق بالفترات الحرجـة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي أثبتت صلابة القاعدة التي ربى عليها الـي عليـه الصلاة والسلام أصحابه من الأمور المهمة وخاصة في هذا الزمن الصعب، زمن الأزمات.
موضوع الدراسة:
الأزمات تظهر معادن الرجال وتتضح معها مدى ما وصل إليه الأفراد مـن اقتنـاع عادتهم واستعدادهم للتضحية دونه...
(وقد اهتم الناس اليوم اهتماماً واسع النطاق بالعاجل والمباشر وإهمال للآجل ممـا جعل قصر النظر أحد أهم الأدواء التي تعاني منها. وصرنا عبارة عن مجتمعات لا تعرف ما تريد، ولا تمد قرون الاستشعار في جوف المستقبل على نحو ما هو مطلوب).()
وقد کثر الحديث عن الأزمات ولکن کما ذکر في نطاق المباشر وکيفية التعامل معها عند حدوثها، ولا نقول أن هذا غير مهم، لکن الأهم منه هو کيف تربي الفرد والمجتمع من جميع جوانيه قبل حدوث الأزمة، وهذا العمل هو من مهام التربية الإسلامية.
والمجتمع المسلم يواجه في هذا العصر العديد من التحديات والمشکلات التي تؤثر على عقيدته، وعلى مبادئه وقيمه، وعلى أمنه وطمأنيته، فأعداء الأمة يقومون بدور کبير، للإيحاء للمسلمين بأن قيمهم ومبادئهم وتشريعاتهم لم تعد صالحة في هذا العصر، وأنـه ليس من مقدور المسلمين وضعها موضع التنفيذ العملي.()
وفي هذا الزمن الذي تتابعت فيه الأحداث بصورة سريعة تحتاج فيها إلى منهج واضح في التعامل معها، وخير ما نبحث فيه هو سيرة المعصوم صلاة الله وسلامه عليه الذي کان ممودجاً في تربية الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين کما أراده سبحانه وتعالى.
ومن الملاحظ على المؤسسات التربوية عموما في هذا العصر ملاحظة طغيان التربيـة المترفة التي تهتم بالأفراد من حوانب مهارية بحته أو طغيان الجانب الترفيهـي أو وضـع البرامج على رغبة الطلاب فقط دون النظر في ما يصلح لهم.
ولا شک أن وضع الحضارة الجديد والذي يرکز على الرفاهية وعلى عدم الاعتمـاد على النفس، أضف إلى ذلک وسائل الإعلام التي نسمعها ونشاهدها مما يزيد العبء على المربين لمواجهة هذه التحديات.
وهده أمانة في أعناق من تصدر للتربية، على أن الجميع مشترک فيها فنحن بحاجة إلى تربية تين على أسس علمية تراعي مستقبل هذه الأمة وتعني بإعداد الفرد من جميع النـواحي، والتي يتضح أثرها عند الملمات فيکونون حصناً حصيناً لدينهم ولأوطاهم.