فإن اللغة ظاهرة إنسانية خص الله بها الإنسان من بين سائر الکائنات، فهي تتيح له التعبير عن أفکاره ومشاعره وآماله وآلامه. وهي ظاهرة اجتماعية ، تتحقق قيمتها في التواصل بين البشر، فمن خلالها يتواصل الناس فيما بينهم، يتناقلون الأفکار، ويعبرون عن المشاعر والأحاسيس ، ويطلبون تحقيق مصالحهم من بعضهم البعض .
لقد اهتم الباحثون في مجال الدراسات اللسانية الحديثة بالوظيفة التواصلية ، وتناولها الدرس اللغوي التراثي ، فدرسوها من الجانب الحواري بين المرسل والمتلقي ، ورصدوا نتائجها من خلال عملية التواصل بينهما . ومن خلال الأثر اللغوي الوظيفي للرسالة . وانطلاقا من هذه الدراسات وما حققته من نظريات لغوية ، يصب جلها في بوتقة الأثر والتأثير في مجالات المعرفة الإنسانية عامة ، و السلوکات الاجتماعية التواصلية على وجه الخصوص . برزت أهمية الوظائف اللغوية في التواصل والإبلاغ ، فجاءت فکرة البحث ؛ الذي يدرس التواصل اللغوي کمرجعية للوظيفة الرئيسة في اللغات الإنسانية وهي الإبلاغ، باعتبار أن الإبلاغ ذروة التواصل. ولقد تعددت مفاهيم التواصل وتنوعت اتجاهاته وخصوصا في الدراسات الأخيرة ، بيد أنه في واقع الحال نشاط إنساني محوره اللغة ، حيث يبدأ بفکرة ثم ينتهي إبلاغا .